هذه هي الحلقة الأخيرة، التي ننهل فيها من نفائس إمام العاشقين جميل بثينة، هذه المرة يصحبنا بين اللقاء والهجر، بين الصد وإلحاح العاذلين، بين سر العاشقين الذي لا يعرفه سواهما وبوح العيون بما تخفيه السرائر. في هذه الحلقة نتنقل في جنائن أفضل من كتب في الغزل العفيف، ونرى جنونه ببثينة، ذلك الذي خلّده عاشقاً لا مثيل له حتى اليوم.
بصوت: د. علي بن تميم
وعاذلينَ، ألحوا في محبتها يا ليتَهم وجَدوا مثلَ الذي أجِدُ!
لما أطالوا عتابي فيكِ، قلتُ لهم لا تكثروا بعضَ هذا اللومِ، واقتصدوا
ما إن شعرتُ، ولا علمتُ بينهم حتى سمعتُ به الغُرابَ يُنـادي
لما رأيتُ البينَ، قلتُ لصاحبـي صدعتْ مصدعة ُ القلوب فؤادي
بانوا، وغودرِ في الديارِ متيـمُ كَلِفٌ بذكرِكِ، يا بُثينة ُ، صـادِ
تذكرَ منها القلبُ، ما ليسَ ناسياً ملاحة َ قولٍ، يومَ قالتْ، ومعهدا
فإن كنتَ تهوى أوْ تريدُ لقاءنا على خلوة ٍ، فاضربْ، لنا منكَ، موعدا
فقلتُ، ولم أملِكْ سوابِقَ عَبْرة ٍ أأحسنُ من هذي العيشة ِ مقعدا
فقالت: أخافُ الكاشِحِينَ، وأتّقي عيوناً، من الواشينَ، حولي شهدا
لعمري ما استودعت سري وسرها سوانا حذاراً أن تشيع السرائر
ولا خاطبتها مقلتاي بنظرة فعلم نجوانا العيون النواظر
ولكن جعلت اللحظ بيني وبينها رسولاً فأدى ما تجن الضمائر